تدوينة تحت عنوان “عذرا هناك ضمائر تشتغل”

العيون الان

بقلم: ريما معروف

بعدها قررت أن أكتب ..
وتذكرت أني أستيقظ من النوم بصعوبة على الساعة السابعة ونصف،أحاول ترتيب مشاعري وعقلي بعد ليلة أرق أخرى، فيومي لن يكون سهلا أبدا.
أفطر إن جاد علي الوقت بذلك،ألبس ثم أمشي بخطوات متثاقلة،هاتفي و سماعاتي،تارة أسمع موسيقى هادئة و تارة تستهويني الصاخبة فهي تشبه أيامي كثيرا،لا أستغرق أكثر من 10 دقائق مشيا لكي أصل للمستشفى الذي أشتغل فيه.
دعائي لربي(الله يدوز يومي على خير)،و هناك أبدأ في تخيل مجرى دوامي،مرضى في الإنتظار،و أسر تنتظر منك خبر استيقاظ المريض،يهابون الموت كثيرا( خاصة بالبنج) علما أن أسباب الموت في العمليات تتفاوت بين شخص و آخر،و لم يكن للتخدير أكبر نصيب فلماذا يا ترى يهابونه؟
هو هبة من الله،من العلم،متى كان التخدير نقمة؟ألم يكن ضمادا للآلام؟ألم يكن حلا للهرب من الواقع حتى لو ل 5 دقائق؟
حسنا،دخلت للمستشفى عابرة المستعجلات،تلك المصلحة التي لا تخلو أبدا من الناس،طبعا لأني لا ألبس هندام العمل فالكل يعتبرني مجرد انسانة مريضة أو جاءت لتزور مريضا،دقيقتين أصل لمصلحة العمليات،أغير ملابسي و هناك يتغير كل شيء،فأنا حينها سأتلقى مدحا و دعوات خير،أو العكس تماما.
نستهل يومنا و ندعو الله أن يوفقنا لذلك،تخدير ثم عملية جراحية ثم استيقاظ على أصوات مختلفة،فتارة آهات و تارة ابتسامة جميلة من المريض،حسنا أنا أؤمن أن تلك الإبتسامة تخدر قلوبنا و تعطينا جهدا لإكمال 12 ساعة من الدوام.
في دقائق مختلفة من النهار،بين عملية و أخرى،أطل على المستعجلات،و يا لهول الكلمات القاسية،شتائم و سب فينا،نحن(ملائكة الرحمة) وأقسم أني أشتغل بكل حس و بكل ما أوتيت من قوتي أنا و فريقي،لا نفكر أساسا في أخذ ريال خارج أجرتنا الشهرية و التي لم أنعم بها ليومنا هذا فأنا ممرضة ملتحقة منذ 4 أشهر،لكن لم أفكر في أن الرشوة قد تكون وسيلة لي،لكن كلمات الساكنة عنا جارحة للغاية،تنسيني في الكلمات العذبة التي أسمعها من لسان المرضى حديثي الاستيقاظ..
رفقا بنا،فلسنا كلنا مرتشين،و لسنا كلنا غير انسانيين،فوالله فقط رب العالمين أدرى بعملنا و جهدنا،نحن الذين نفرط بساعات نومنا لننيم المرضى،و نحن الذين نسكن آلامهم و نحن مرضى،رفقا بقلوب أنتم لا تعلمون همومها..شتائمكم تهزم إرادتنا،تلك الإرادة التي تجعلنا نعمل بدون توقف فقط من أجل سماع جملة(الله يرحم الوالدين و يحقق ليكم اللي تتمناو)،لا تحكموا علينا بآراء آخرين فلسنا كلنا سواسية..هناك الصالح و الطالح!!

ADS TOP

التعليقات مغلقة.