مقال: الإرهاب لا دين له ولا وطن

العيون الان


بقلم: بدر بوخلوف، باحث في مجال القانون بمراكش.

 

 

يشكل الحق في الحياة من أقدس الحقوق التي دافعت عنها البشرية منذ الأزل، وقدمت في سبيل تحقيق ضمانه أغلى التضحيات وأزكى الدماء….فالحق في الحياة ليس وليد اليوم ولا الأمس ولكنه قيمة إنسانية متجذرة في تاريخ الحضارة البشرية منذ نشأتها على كوكب الأرض، وكل خروج عن هذا الإطار يعد جريمة وإرهابا في حق هذا المجتمع الإنساني المكون من مجموعات بشرية مختلفة الإنتماءات الجغرافية والتاريخية والثقافية، والتي تنتظم طبعا في شكل دول ومجموعات سياسية تفصل بينها حدود جغرافية.
إن تنامي ظاهرة العنف والعنف المتبادل ليضع المنتظم الدولي أمام تحديات كبرى فيما يخص التصدي للظاهرة الإرهابية والحد من تداعياتها السيئة والوخيمة على أمن واستقرار العالم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا…..فتطور خطط الإرهاب وأشكاله يوما بعد يوم ليضع الساهرين على حماية الأمن والطمأنينة في أي بلد أمام تحدي مواجهة هاته الأشكال بطرق وأدوات أكثر إستباقية وأكثر نجاعة وفعالية…فارهاب اليوم ليس هو إرهاب الأمس وأكيد لن يكون كإرهاب الغد الذي قد يسيطر على مفعلات نووية لاقدر الله أو مختبرات للمواد الكيماوية او الجرثومية.
إدا كانت الظاهرة الإرهابية تعد جريمة إنسانية بكل ماتحمله الكلمة من معنى، فإن الوقوف في وجهها يستدعي إلتزاما  دوليا  وتعاونا إستخباراتيا للحيلولة دون تنامي وتطور شبكاتها وعناصرها….خصوصا مع تطور أشكال تنفيذ العمليات الإرهابية وتنوعها، فمن الأحزمة والعبوات الناسفة إلى السيارات والطائرات والقطارات المفخخة ووصولا اليوم إلى الدهس بالشاحنات والسيارات  كان آخرها أحداث برشلونة الأخيرة، والقادم قد يكون طرقا جديدة لتنفيذ خططهم العدوانية، وهو ما يضع الأجهزة الأمنية أمام صعوبة إحتواء هذه الظاهرة الإجرامية والتي ساعد التطور التكنولوجي واتساع استعمال شبكات التواصل في تأجيجها وانتشار رقعتها دوليا.
التصدي لهذه الظاهرة الدولية والتي تتعدد أسبابها ومنطلقاتها من الاقتصادي إلى السياسي والاجتماعي والثقافي وحتى النفسي لا يحتاج فقط الى مقاربات جيو-أمنية صرفة ولا إلى تعاون استخباراتي على أعلى مستوى، وإنما يستدعي اللجوء إلى مقاربات جديدة قوامها التوزيع العادل للثروة والقضاء على البطالة والفقر ومحاربة كل أشكال التمييز والهدر والعنف والهشاشة…كذلك الإهتمام بالجانب الأخلاقي والقيمي في مجالات التربية والتعليم وخصوصا لذا الناشئة دون ان ننسى الدور البالغ للساهرين على الشأن الديني في التحسيس والتوعية بخطورة الظاهرة الإرهابية وتداعياتها الوخيمة على أمن واستقرار البلدان والشعوب عامة.

ADS TOP

التعليقات مغلقة.