ندوة جهوية بعنوان: “المجتمع المدني بين الممارسة والمسؤولية”

العيون الان

أرضية الندوة الجهوية حول:
المجتمع المدني بين الممارسة والمسؤولية

درجت العديد من التنظيمات المدنية على إدراج موضوع التنمية ضمن أجندة إشتغالها، ومرد ذلك هو الدور المتعاظم للجمعيات غير الحكومية التي انخرطت في ديناميات اجتماعية، تهدف إلى إشاعة الديمقراطية في مختلف أبعادها والدفاع عن الحقوق والحريات.
إن الحديث عن المجتمع المدني في الوقت الراهن هو حديث عن صيرورة تاريخية ضاربة جذورها في القدم، فأغلب الدراسات والكتابات التي اشتغلت على الظاهرة المدنية تشير إلى أنها ظاهرة تعود في أصولها إلى الحضارات الإنسانية القديمة، بدءً من الحضارات الفرعونية واليونانية مرورا بفترة الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، وما أحدثته من خلخلة مست البنى الاجتماعية التقليدية وفسحت المجال على مصراعيه أمام هيئات حديثة كالأحزاب والنقابات والجمعيات، وصولا إلى ما أحدثته العولمة من جسر لهوة التباعد ما بين المجتمعات الإنسانية التي تحولت إلى قرية صغيرة في ظل الطفرة المعلوماتية وهيمنة وسائط التواصل الاجتماعي على المنظومة التواصلية العالمية.
أما في المغرب، فالعمل المدني شهد تطورا ملحوظا واتسع مجال تدخله ليشمل مختلف مناحي الحياة، حيث أصبح شريكا لا محيد عنه في العملية التنموية.
وشكلت الوثيقة الدستورية لسنة 2011 نقلة نوعية في مجال تقوية حضور الفاعل التنموي في مختلف مسارات التنمية، فهذا الدستور ركز في ديباجته على مجموعة من المرتكزات، كالتعددية والحكامة الجيدة وإرساء مجتمع متضامن والكرامة والحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية…إلخ. وهذه كلها مرتكزات مافتئت الجمعيات المدنية تطالب بإدراجها في الوثيقة الدستورية، هذه الأخيرة ركزت في فصولها على الدور المهم والفعال للمجتمع المدني خاصة في الفصل 12 الذي يقر بإمكانية إحداث الجمعيات ودورها الكبير في الديمقراطية التشاركية والمساهمة في إعداد القرارات والمشاريع المرفوعة إلى المؤسسات المنتخبة والسلطات العمومية، أما الفصل 13 فهو يشير إلى إحداث هيئات التشاور ودورها المهم في إعداد السياسات العمومية، أما الفصلين 14 و 15 يتحدثان عن تقديم الملتمسات والعرائض، حيث صدر مؤخرا القانونين التنظيميين المتعلقين بتقديم الملتمسات والعرائض، وهما 44.14 و64.14.

وفي نفس السياق، فإن الوثيقة الدستورية أشارت إلى ضرورة إحداث هيئات النهوض بالتنمية البشرية والمستدامة والديمقراطية التشاركية، خاصة في الفصل 169 الداعي إلى إحداث المجلس الاستشاري للأسرة والطفولة، والفصل 170 الرامي إلى إنشاء المجلس الاستشاري للشباب والعمل الجمعوي.
إن ما جاءت به الوثيقة الدستورية هو نتيجة ترافع المجتمع المدني ومطالبه بتقوية أدوار الفاعلين المدنيين وتمكينهم من كافة آليات العمل للنهوض بأوضاع المجتمع.
ويظهر ذلك جليا في الدور المتنامي لجمعيات المجتمع المدني في مختلف ضروب التنمية، حيث أسهمت بشكل فعال في الديناميات المرتبطة بالاقتصاد الاجتماعي وتشجيع الأفراد والجماعات على العمل من أجل خلق بدائل اقتصادية، وفي سياق آخر ستتعزز مشاركة المجتمع المدني في السياسيات العمومية من خلال المساهمة في تقديم الملتمسات والعرائض للجهات المنتخبة والسلطات العمومية.
إن هذا العمل المدني لن يبلغ مداه ما لم يكن الفاعل المدني على بينة من حقوقه وواجباته وتحصين اشتغاله من كل ما من شأنه أن يعرضه للمساءلة المدنية أو الجنائية.
و يبقى المجتمع المدني أداة مهمة في التنمية، لكن هذا يتطلب منه أن تتضافر جهوده مع كافة المتدخلين في المجال التنموي وفق مقاربة تشاركية تصبو إلى النهوض بالتنمية في مختلف أبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وتأتي هذه الندوة الجهوية التي تنظمها جمعية آفاق لتأهيل وإدماج الأشخاص في وضعية إعاقة في إطار أنشطتها السنوية الموازية ، و في ظل انخراطها كمنظمة مدنية تهتم بتجويد الفعل الجمعوي بالمنطقة ، و المساهمة في الرفع من وعي المنظمات و الجمعيات المحلية و ربط مفهومي حرية تأسيس الجمعيات و ممارسة العمل المدني في ظل المناخ الديمقراطي المنفتح الذي تعرفه المملكة المغرببية بمفهوم المسؤولية المدنية و الجنائية التي تقع على عاتق هذه الجمعيات حال لم تحترم المساطر الوطنية المتعلقة بالتدقيق و المحاسبة خصوصا الشق الذي يهم الدعم العمومي .

ADS TOP

التعليقات مغلقة.