أول انتخابات محلية بعد الثورة.. كيف عاشها التونسيون؟

العيون الان

اتسم إقبال الناخبين التونسيين اليوم على صناديق الاقتراع بأول انتخابات بلدية تجرى بعد الثورة بضعف ملحوظ ربطه بعض المراقبين بوجود حالة من عدم الثقة، والإحباط لدى الناخبين تجاه الطبقة السياسية وبرامجها.

وبحسب عضو هيئة الانتخابات أنور بلحسن، بلغت نسبة المشاركة العامة حتى منتصف نهار اليوم نحو 13.6%، ومع ذلك يقول إنها نسبة محترمة في انتظار إقبال مزيد من الناخبين في الساعات الأخيرة.

لكن رئيسة الجمعية التونسية لنزاهة وديمقراطية الانتخابات ليلى شرايبي تقول للجزيرة نت إن هناك إقبالا ضعيفا على الانتخابات بسبب تردي المناخ العام، ووجود أزمة ثقة بين الناخبين الشبان والأحزاب.

وشمل هذا العزوف العديد من مراكز الاقتراع التي فتحت أبوابها الساعة الثامنة صباحا (07.00 بتوقيت غرينتش) وتغلق أبوابها السادسة.

وحتى الواحدة ظهرا، لاحظت الجزيرةنت أن مركز الاقتراع بالمعهد الثانوي الرئيسي، في منطقة حي التضامن الشعبي الفقير المتاخم للعاصمة وذي الكثافة السكانية العالية، شهد قدوم بعض الناخبين لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة.

اقبال محتشم:

وفي داخل هذا المركز ظل حارس المعهد عبد الله يتصفح جريدته، بينما خيم صمت مطبق على ساحة المعهد حيث بقيت مكاتب اقتراعه خالية إلا من أعضاء هيئة الانتخابات ورجال أمن وجنود يحرسون المكان.

وغير بعيد عن هذا المركز، كانت الحركة في سوق حي التضامن تدب بشكل عادي، لكن كثيرا من الباعة والمتسوقين لم يظهر على أطراف أصابعهم الحبر الأزرق الدال على إجراء عملية الاقتراع.

ورغم كثافة سكانه، لم يقع إفراد حي التضامن ببلدية وبقي مرتبطا ببلديةتونس العاصمة حيث تتنافس القائمات المرشحة على ستين مقعدا فيها. وكان وضع هذا الحي شبيها بحي الخضراء الشعبي والمتاخم أيضا للعاصمة.

وكان ضعف الإقبال قاسما مشتركا بين الحيين، إذ ظلت المقاهي والأسواق بحي الخضراء أكثر إقبالا وتهافتا من قبل روادها الذين لم يبد أغلبهم اهتماما بالانتخابات.

داخل مدرسة ابتدائية مخصصة للاقتراع بحي الخضراء، بدت علامات الحيرة ظاهرة على ملامح ممثل حركة النهضةمحمد علي وممثل حركة نداء تونس منصف، وكان كلاهما يخشى على نتائج حزبه من هذا العزوف.

يذكر أن حركتي النهضة والنداء حليفان في الحكومة، لكنهما يتنافسان بشراسة على 350 مجلس بلديا في سباق يضم 1055 قائمة حزبية و159 قائمة ائتلافية و860 قائمة مستقلة.

ثقة بالانتخابات
ورغم هذا العزوف، فإن العديد من التونسيين أعربوا عن فرحتهم بالذهاب باكرا لمراكز الاقتراع للإدلاء بأصواتهم بأول انتخابات محلية بعد الثورة ينظر إليها على أنها منبع سلطة الشعب.

ففي أحد مراكز الاقتراع بمنطقة لافيات وسط العاصمة، اصطحب مهندس الإعلامية محمد مكور ابنيه محمد أمين ونوح (6 و3 سنوات) للإدلاء بصوته لقائمة حزبية معارضة قال إنه يثق ببرامجها وأهدافها.

يقول محمد للجزيرة نت إنه يشعر بالفرح بفضل ترسيخ المسار الديمقراطي بواسطة الانتخابات المحلية التي يرى أنها ستساهم بفضل قانون البلديات الجديد في تكريس الحكم المحلي والقطع مع النظام المركزي.

يتقاسم معه هذا الرأي محمد علي مهري الذي قال للجزيرة نت إنه جاء ليمنح صوته لحزب عانى من التعذيب زمن النظام السابق، مؤكدا أن هذه الانتخابات ستضع البلاد في سكة الديمقراطية التشاركية.

ويؤمن هذا الخبير المحاسب بأن الانتخابات المحلية ستخلق مناخا جديدا من التعاون المشترك بين المجالس البلدية المنتخبة والمواطنين لتحسين أوضاع المناطق باستقلالية بعيدة عن بيروقراطية المركز.

وداخل هذا المركز ظهرت بعض الطوابير من الناخبين الذي جاؤوا للتصويت، بينما اتسمت عملية سير الانتخابات بسلاسة ودون شكاوى.
ولم يقتصر الإقبال على مراكز الاقتراع داخل العاصمة، فحتى الأحياء النائية والمهمشة بمحافظة منوبة (شمال) شهدت حسب شهود إقبالا من الناخبين، لكن اللافت أن هؤلاء ينتمون إلى فئة الكهول والشيوخ.

فبإحدى المدارس الابتدائية بمنطقة دوار هيشر الفقيرة التابعة لمحافظة منوبة، أدلى توفيق الوسلاتي المتقاعد من شركة السكك الحديد الحكومية بصوته قصد المساهمة في واجب المواطنة تجاه منطقته، كما يقول.

مقاطعة الشباب
وعن رأيه في مدى انخراط التونسيين في هذا المسار الانتخابي، يقول للجزيرة نت إنه لا يمكن تغيير الأوضاع دون الانخراط في الانتخابات المحلية ومراقبة أعمال البلديات والمشاركة بصناعة القرار.

ويرى أن عزوف الناخبين على التصويت من فئة الشباب خاصة لا يعود فقط لحالة الإحباط التي يشعرون بها من أداء السياسيين وتردي الوضع العام، وإنما لغياب حس المواطنة والاستقالة من الشأن العام.

وفي مقهى مجاور لمركز الاقتراع بدوار هيشر، يجلس الشبان يوسف وأيمن وريان غير مبالين بما يجري، فهم في قطيعة مع الانتخابات بسبب الوعود الزائفة للأحزاب وتأزم الأوضاع الاجتماعية، وفق قولهم.

يعمل يوسف وريان نادلين بمقهى بين يعاني ريان من بطالة خانقة، وبسبب تدني ظروفهم المادية أصبحت المشاركة لديهم في الانتخابات بلا فائدة ترجى لأن السياسيين “يتنكرون لوعودهم بعد فوزهم”. 

المصدر : الجزيرة

ADS TOP

التعليقات مغلقة.