المركز المغربي لحقوق الإنسان يصدر بيان حول أحداث حافلة الفوسفاط

شهدت مدينة العيون ليلة الجمعة 24 مارس 2017 أحداث مؤسفة، تمثلت في اعتصام لحوالي 53 من المعطلين، من حملة الشواهد العليا وخريجي برنامج للتأهيل المهني، داخل حافلة تابعة للمكتب الشريف للفوسفات، محملين بقنينات، مملوءة بمواد قابلة للاشتعال، حيث أقدمت السلطات العمومية المختصة بإعطاء أوامر لقوات التدخل السريع والوقاية المدنية من أجل اقتحام الحافلة عن طريق استعمال خراطيم المياه، حيث تعرض العديد من المعتصمين إلى ردود وكدمات، كما تسببت رائحة المياه وامتزاجها بمواد قابلة للاشتعال إلى حالات اختناق في صفوف بعض المعتصمين، حسب ما عاينه مناضلو المركز المغربي لحقوق الإنسان، فضلا عن إصابات في صفوف باقي المعطلين، الذين لاذوا بالفرار، وبعض العناصر الأمنية، بسبب إقدام عناصر غريبة عن المعتصم برمي الحجارة على قوات الامن، وقد سجل المركز المغربي لحقوق الإنسان تعريض إحدى سيارات الأمن لأحد المعتصمين، وانهال عليه عناصر القوات الأمنية بالضرب بشكل عنيف.
وعلى ضوء هذه الأحداث الأليمة، يعلن المركز المغربي لحقوق الإنسان للرأي العام ما يلي :
ـ إن إقدام معطلي العيون، المنضوين تحت لواء التنسيق الميداني للمعطلين الصحراويين وخريجي برنامج OCP Skills، لخوض هذا الاعتصام، جاء بعد سلسلة من الأشكال النضالية السلمية، منذ سنة ونصف، من وقفات احتجاجية ومسيرات واعتصامات متكررة، بما في ذلك خوض إضراب عن الطعام، حيث خاضوا خلالها حوارات مع مسؤولين منتخبين، كلها كانت تختتم بوعود فارغة.
ـ إن معاناة الشباب المعطلين بالعيون سببه بالدرجة الأولى الفساد الذي تعرفه التوظيفات المشبوهة، والانتقائية، التي يمارسها مسؤولون في المنطقة، معروفون بسلوكهم منطق المنفعة الشخصية، والولاء السياسي والقبلي، غير آبهين لحق هؤلاء الشباب في الشغل والعيش الكريم، حيث سبق وأن أعلن عاهل البلاد بتوفير أكثر من 1200 منصب شغل في مؤسسة عمومية كبيرة، لفائدة أبناء المنطقة، في حين لم تتجاوز نسبة الاستجابة للتعليمات الملكية خمسة بالمائة، فيما قام مسؤولون، بتوظيف أقرباءهم وأزلامهم، ضاربين عرض الحائط التوجيهات الملكية، مما أجج في نفوس هؤلاء المعطلين مشاعر الغبن والإحباط.
ـ إن مطالب الشغل لدى المعطلين، الذين اعتصموا داخل حافلة الفوسفاط مطالب مشروعة ودستورية، وقد عاين مناضلو المركز المغربي لحقوق الإنسان الروح الوطنية العالية، التي تدب في نفوس هؤلاء الشباب، كما أن غاياتهم نبيلة، وتنحصر في توفير فرص الشغل والحياة الكريمة، داخل وطنهم، حتى يضمن لهم كرامتهم ويحمونه بأرواحهم، رافضين البتة تسييس مطالبهم.
ـ إن محاولات تسييس القضية من قبل بعض الأشخاص، خلال اعتصام المعطلين داخل حافلة الفوسفاط ليس بالأمر الجديد، وغايتهم مكشوفة للعيان، إلا أن ممارسات المسؤولين، القائمين على تدبير الشأن العام، إقليميا وجهويا، يؤجج الوضع ويزيده قتامة، ويجعلهم يتحملون المسؤولية بالدرجة الأولى، لدورهم في احتكار الثروة ونهبها بشكل ممنهج، ودفع الأمور في هذا الاتجاه، الذي لا يخدم مصلحة الوطن.
ـ إن ما تعرض له معتصمو حافلة الفوسفاط، والمعطلين بمدينة العيون بصفة عامة، منذ خوضهم للاحتجاجات من أجل الشغل، ممارسات تعسفية غير مقبولة، حيث تغيب لغة الحوار الجاد والمسؤول، والحلول الناحعة، فيما تفتقد إلى التناسبية في فض التجمعات في غالبية الأوقات، كما يتم تفريق الوقفات الاحتجاجية بشكل قمعي مبالغ فيه.
ـ إن قرار مقاضاة المعطلين على خلفية خوضهم لنضالاتهم من أجل حقهم في الشغل قرار جائر، من شأنه تدمير مستقبل المعطلين بدل بناءه، مما سيزيد الوضع احتقانا وسوادا، في ظل مؤشرات وتحديات سياسية خطيرة، تتربص بالمغرب، وبأمنه وسلامته.
وعليه، فإن المركز المغربي لحقوق الإنسان :
ـ يدين التدخل الأمني المفرط في حق معتصمي حافلة الفوسفاط،
ـ يعبر عن تضامنه مع كافة المعطلين، سواء بالعيون أو بباقي مناطق المغرب، مناشدين فلذات أكبادنا بعدم الانجرار نحو تبني أشكال نضالية يائسة، من شانها إزهاق الأرواح عبثا، خاصة وأن إمكانية تحقيق مطالبهم ليست مستحيلة، في ظل وجود إصرار وإرادة تابثتان من أجل حق دستوري وكوني،في الشغل وفي الكرامة.
ـ يطالب الدولة المغربية بمراجعة سياستها في تدبير ملف حق الشغل، خاصة وأن الكثير من المناطق، الزاخرة بفرص التنمية والثروة بكل أبعادها، مثل مدينة العيون، لا تعاني من قلة مناصب الشغل، بقدر ما تعاني من تحكم لوبيات فاسدة في الكثير من دواليب السلطة ومؤسسات الدولة، جمعت ثروات طائلة، وسحبت كثيرا منها خارج أرض الوطن، دون حسيب أو رقيب، ولو توقف هذا النزيف ولو بسنبة قليلة، لساعد في توفير كل مناصب التشغيل المطلوبة.
ـ يرفض رفضا قاطعا مقاضاة معتصمي حافلة الفوسفاط، ويطالب بالمقابل بالتحقيق في خرق التعليمات الملكية بخصوص 1200 منصب شغل، والتلاعبات الخطيرة التي شهدتها العملية.
ـ يطالب منظمات المجتمع المدني بالعيون تحمل مسؤوليتها في ضمان دور وساطة مسؤول وبناء، لتحقيق مطالب المعطلين المشروعة، وعدم تأجيج الصراع، حتى لا يتطور إلى مستويات غير محمودة.
ـ يرفض رفضا قاطعا توظيف نضالات تهم مطالب حقوقية مشروعة، لغايات سياسية، ويعتبرها ممارسات تفتقد إلى الموضوعية والواقعية.
ـ يطالب الحكومة المغربية، بتشكيل لجنة مركزية، للوقوف على حجم التجاوزات التي تعرفها مدينة العيون، واتخاذ الإجراءات الاستدراكية اللازمة، قبل فوات الأوان.
حرر بتاريخ 25 مارس 2017
المكتب الوطني للمركز المغربي لحقوق الإنسان

ADS TOP

التعليقات مغلقة.