تقرير النقابة الوطنية للفلاحين الصغار و المهنيين الغابويين

العيون الان

تقرير النقابة الوطنية للفلاحين الصغار و المهنيين الغابويين
المكتب الجهوي بجهة كلميم وادنون

تقرير حول الزيارة الميدانية لمنطقة تركا وساي (أساكا) اقليم كلميم  بتاريخ 01-03/2019

 

 

تمهيد

تعد المشاكل البيئية من المشكلات الإنسانية  والاجتماعية الحديثة نسبيا في تاريخ المجتمعات البشرية ˌ إذا تعود بوادرها الأولى الى بداية الثورة الصناعيةˌ حيث التطور التكنولوجي و الصناعي خلق أثار سلبية على البيئة و الإنسان ˌوبدأ ناقوس  الخطر في أعقاب الحربين العالمتين الأولى و الثانيةˌ خاصة بعد أن تعقدت العلاقة بين البيئة و التنميةˌ و انعكست سلبياتهما على الأوضاع الصحية للأفراد ولا سيما فئة الفلاحين الصغار و المهنيين الغابوييين.

 

– الاهتمام الدولي بظاهرة التلوث وتعهد الدولة المغربية بالالتزام

إن تجسيد الاهتمام الدولي بالبيئة و انعكاساتها على حق الانسان في الصحة و الحياة نتيجة لارتفاع مستوى  التلوث , نظمت الأمم المتحدة أول مؤتمر عالمي في تاريخ البشرية  بمدينة استوكهولم سنة 1972 تلاه مؤتمر ريودي جانيرو بالبرازيل 1992ˌ ومؤتمر جوهانسبورغ بجنوب افريقيا 2002ˌدعت من خلالها المنظمة إلى حماية البيئة ضمانا لاستمرار الأجيال البشرية.

بالإضافة إلى مؤتمرات الأمم المتحدة للمناخ ( مؤتمر الدول الأطراف المعروفة باسم Cop) وقد ساهمت هذه المؤتمرات أيضا في بلورة الأرضية الأساسية للحركة البيئية و الثقافة الايكولوجية عبر العالم.

وحتث دول العالم الثالث , وخاصة دول شمال إفريقيا ,و من بينهم المغرب الذي لم يكن بمنأى عن هذه الاكراهات الدولية التي تهدد الأساس الاجتماعي و الاقتصادي والبيئي للحياة و يؤدي إلى تغيرات في البنية التحتية و الفوقية بفعل الدول والشركات.

و قد أصدرت  الدولة المغربية  مجموعة من القوانين في شكل ظهائر و مراسيم نتيجة مشاركة المغرب في مؤتمر استوكهولم و تأثره بنتائجه الى تغير نظرته للأوضاع البيئية والتهديد الحاصل لمنطقة شمال إفريقيا لذلك تم إحداث أول جهاز حكومي يعنى بالقضايا  البيئية سنة 1992 كما شرع في تطوير و تحيين تشريعه البيئي ليستجيب لمتطلبات التنمية الاجتماعية و الاقتصادية التي فرضها عليه منطق الانضمام الى الحقل الدولي خاصة القانون رقم 13.03 المتعلق بمكافحة تلوث الهواء و الصادر بتنفيذ الظهير الشريف رقم 1.03.61  بتاريخ 12 ماي 2003 ونشر بالجريدة الرسمية عدد 5118 بتاريخ 19 يونيو 2003.

وهذا وقد نظم المغرب بمدينة مراكش cop22 للوقوف على التأثيرات البيئية و ضرورة حمايتها.

تقع جماعة تركا وساي في الشمال الغربي لإقليم كلميم و تبعد عن مدينة كلميم ب 32 كلمتر وتبلغ مساحتها الإجمالية 173.6 كلمتر مربع ويبلغ عدد سكانها 857 نسمة حسب الإحصائيات الرسمية.

1- مشكل  تلوث الماء في جماعة تركا وساي وعلاقته بالتغيرات المناخية

إن تلويت المياه بشكل ملفت للنظر في واد أسكا والمصارف و السقي المحادية للأراضي الفلاحية

و تغير لونه المائل الى الاخضرار نتج عنه ضعف الزراعات المعيشية بالمنطقة  وتلوث على مستوى التربة,بحيث أن غالبية فلاحي المنطقة يؤكدون على أن هذا التلوث المفاجئ جاء نتيجة اختلاط مياه الصرف الصحي أو المياه العادمة من واد الصياد إلى واد أسكا ويحددون هذا المشكل في قرابة سنة مما أثر على الحياة بشكل عام في زراعة الفصة أو البشنة التي يتم سقيها بواسطة هذا الماء بل أن بعض الفلاحين الصغار الغير قادرين على إدخال عدد شركة الماء يورد حيواناته منها مما يؤثر على  جودة اللبن و مشتقاته و تشتكي الساكنة عموما من اثر الحشرات المضرة التي أنتجت عن هذا التلوث  خاصة على السلامة الصحية وظروف العيش.

 

ويعزى هذا التلوث كذلك الى الفضلات المنزلية و المطارح المحادية لوادي صياد  ووادي اساكا هذا فضلا عن النفايات المتسربة عن الشركة الفلاحية la porte du sahara المتواجدة بمنطقة تلوينˌلعوينةˌ les oliviers التي تستعمل مواد كيميائيةˌو الكبريت وغيرها من المواد السامة على التربة ˌلتصدير مادة الطماطم بأنواعها و المسببة في استنزاف الفرشة المائية واحداث الجفاف في المنطقة وفي وادي أسكا بأكثر من %50 وحسب شهادة الفلاحين التي كانت  تسمع هدير مياه الوادي في الليل من شدة توفرها وغزارتها وقد أثر تناقص المياه الجوفية بفعل سيطرة الاقطاعين الكبار على مصادرها في المنطقة إلى تغيرات توصف بالكارتية على حياة الفلاحين الصغار وسبل عيشهم  وفي تغير نسب الحرارة واختلاط الفصول الطبيعية وانتشار الفقر و ارتفاع نسبة الإعالة الاجتماعية خاصة من طرف الجالية (الهجرة الخارجية) وهذا كله نتج عن التغيرات المناخية.

 

 

 

 

 

2- تأثير التلوث بمنطقة اساكا تركا وساي على الحيوانات البرية و الطيور المهاجرة.

يلاحظ في منطقة أسا تركا وساي شبه انقراض مجموعة من الحيوانات البرية “الأرنب البري ˌالسنجابˌ الوحش” وتناقص عدد الطيور les oiseaux  المهاجرة التي تحط بهذه المنطقة بل كان بعضها يستقر في الأشجار و الكهوف المجاورة لكن بفعل التغيرات المناخية  وارتفاع  نسب التلوث في المياه و التربة ,هذا و إن كان البعض لا يهتم  بمدى تأثيرها على التوازن الطبيعي نظرا لتخلفه و انحطاطه لذا تحذر النقابة الوطنية للفلاحين الصغار و المهنيين الغابويين بهذا التلوث المؤثر على الأمن الغذائي و العدالة المناخية للجميع مادام الفلاح الصغير وعموم الطبقات المضطهدة هي المتضرر الرئيسي من جميع المؤسسات النيو-ليبرالية القائمة على سرقت الثروات الطبيعية لتحقيق أرباح أكثر و تهديد التواجد الإنساني بالمنطقة .

3- الهجرة الداخلية و الخارجية من أسباب هذا التلوث

قد اثر هذا التلوث البيئي في منطقة أسا تركا وساي على الاستقرار بالمنطقة خاصة وكانت تعرف بطبيعتها الخلابة وأراضيها الفلاحية ” النخيل.شجر الزيتون.شجر لوكوس” و الغطاء النباتي الكتيف .

لكن مع التدهور البيئي بشكل تدريجي الذي أثر على طبيعة الزراعات بالمنطقة و فرص الشغل بالنسبة للفلاحين الصغار .

هذا و بالإضافة إلى تنامي الرأسمال الإقطاعي وغنى بعض النخب المحلية وكذا بسبب انعدام دعم وزارة الفلاحة إلى تعميق الهوة بين الفلاح الصغير والمستغلين الكبار. .

وقد ساهمت هذه العوامل إلى تهجير شباب المنطقة ( إجلاء) الباحث عن سبل عيش أفضل إلى الأراضي الزراعية الكبرى (الكمرادوريات الاقطاعية) و الى المدن القريبة في إطار الهجرة الداخلية بل ان بعض الفلاحين الصغار قد فرضت عليهم الظروف المعيشية المتغيرة بفعل عامل التلوث أو الغلاء المفروض على البذور و ظهور أمراض بيئية( الحرب البيولوجية)  إلى تغيير أسلوب العيش و الهجرة نحو الحواضر.

وهذا وقد فرضت على بعض الساكنة الهجرة الخارجية والتوجه إلى الديار الأوروبية مما زاد في ارتفاع الإعالة الاجتماعية وانتشار الفقر و البطالة المهولة  في المجال القروي ناهيك عن ارتفاع نسبة الشيخوخة تلبية لمطامع السوق و الشركات لإجلاء الساكنة الأصلية و التفرد باستغلال الثروات و المعادن الطبيعية لمنطقة أساكا-تركا وساي.

4- تأثير هذا التلوث بمنطقة تركا وساي على الطفولة

إن الطفولة تقتضي مزيدا من العناية و الحماية الميدانية المتميزة  في شتى المجالاتˌإذا كنا نريد نساء

و رجال صالحين  قادرين على مجابهة تحديات المستقبل و لا سيما التحديات البيئية التي تعد أهم تحد لوجود الجنس البشري و مقوما أساسيا لأية تنمية رغم أن المغرب قد صادق على الاتفاقية  الأممية لحقوق  الطفل ووثيقة نيويورك التي تنص عن حق الطفل  في بيئة سليمة  وآمنة من مخاطر التلوث البيئي.

لكن المفارقة الغريبة من نوعها و المكرسة من طرف الدولة المغربية و خاصة في الصحراء بينما تعيشه الطفولة واقعيا.

و المروج له نظريا في الترسانة الحقوقية وغيرها على الرغم من الوضع الذي يدعو الى القلق خاصة في ظل صمت الإطارات الحقوقية وفعاليات المجتمع المدني عن هاته الجرائم المرتكبة وعدم المطالبة بالحماية البيئية و التعويض عن الأضرار الناجمة عن هذا التلوث  و سكوت السلطات المحلية عن الوضع الكارثي رغم أنها تحافظ على النظام العام  في الصحة و الطمأنينة العمومية خاصة و أن الأطفال هم ركيزة التنمية و الاستثمار في بقائهم على قيد الحياة وتمتعهم بصحة جيدة هو أساس التنمية البشرية.

فتوفير بيئة داعمة في أساكا تركا وساي  لحماية الطفولة و تعزيزها و ليس للاستغلال الخارجي  و الاستفادة من المعونات الدولية من بعض الجهات المحسوبة على الدولة مع العلم أنها لا تؤدي دورها المنوط به.
فمنطق التسول في المؤتمرات  ولدى المنظمات الدولية  ” كاليونسكو ” من بعض الهيئات المغربية بينما لا تؤدي دورها الحقيقي في حماية الطفولة و رعايتها يعد استهتار حقيقي بالبيئة الصحية للأطفال  وهي مسؤولية  قانونيا و أخلاقيا.

وقد أطلعنا بعض الفلاحين  عن وضعية أبنائهم الصحية نتيجة لقرص الحشرات  ( شنيونا)  ومضاعفة الحساسية و انتقال للأمراض مما فضل بعض الفلاحين الصغار ترك أبنائهم في المدينة.
وفي الأخير نهيب كافة الجهات المعنية (المركزية و اللامركزية ) إلى تحمل مسؤولياتها الوطنية إزاء هذا الوضع القاتم و المظلم و معالجة المشاكل البيئية قصد التكيف مع التغيرات المناخية و إحداث وحدات للمعالجة المياه العادمة و مصانع لتدوير النفايات و فرض مراقبة على الشركات الفلاحية la porte du sahara تطبيقا لمعايير السلامة الصحية و البيئية وفرض حظر على المواد السامة
و تعويض الفلاحين عن الضرر القاتل .
أين حقوق أمنا الأرض بعيدا عن الحلول الكاذبة ….  14-03-2019
لا لاستعمال الطبيعة من قبل الكمبرادوريات الفلاحية و الشركات الدولية

ADS TOP

التعليقات مغلقة.