شركات مفترسة تغرس أنيابها في جسد الأجير، حقوق منتهكة ….ومهام متعددة 

العيون الان 

 

شركات مفترسة تغرس أنيابها في جسد الأجير ،حقوق منتهكة ….ومهام متعددة 

ت . م حارس أمن سابق -الداخلة 

#لنتحد_ضد_كورونا

 

وأنا اشاهد معاناة الحارس المطرود بالفيديو المتدوال مؤخرا، في نفس السياق تذكرت قصتي مع شركة خاصة في مجال الحراسة والمراقبة بمدينة الداخلة فكنت حائرا بين خيارين اما التحدث او السكوت، فقررت توثيق قصتي المتواضعة والتحدث لعلي بذلك أنفض غبار معضلة حقيقة تتربص بمجتمعنا .

 

لم اتعرف قط  على مهنة الحراسة او المراقبة (السكريتي بالدارجة) لأنني لم ازاولها قبلا ولم اتصور نفسي يوما اشتغل بها .

  انذاك كانت احلامي وردية وانا اتحصل حينها على شهادة جامعية  ، ولكن مع مرور السنوات اشتغلت بدافع محاربة العاهة المزمنة المدعوة (البطالة) أول الامر كأستاذ في مدرسة خاصة براتب زهيد جدا استخلصه بالساعة وكأني اشتغل في مصنع نسيج او معمل سردين وبالرغم من الظروف كنت جد راضي نسبيا حتى بلغني استغناء المشغل عن خداماتي بدون اي مبرر يذكر.

 

مرت سنتين توالت العديد من الاحداث فيهما، حينئذا ارتحلت الى مدينة الداخلة لظروف خاصة واستقريت هناك ، ومرة أخرى  ، يرجع الالم ثانية ليذيق قلبي من مرارة العاهة مجددا، اضطررت بسببها الى مزاولة مهنة حارس امن براتب دون المستوى في احدى المنشأت الخاصة.

 

هنالك كنت اقبع بالساعات في مخدع زجاجي شفاف لا يقي من حرارة الشمس الحارقة التي تخترق الزجاج ولا يقي من برد الليل القارس الذي يتسرب بفعل الرطوبة .

الطامة الكبرى هي انه لا يحق لنا كحراس وضع غطاء على زجاج المقصف من أجل الظل ، ضف الى هذا أسمال الزي الرسمي قديمة وبالية ولا تتلائم مع مناخ العمل وطبيعته.

 

كل هذا يهون للتقليل من الآثار المترتبة عن البطالة غير أن الامر الغريب هنا ،  هو أن هذا العمل اليومي بدون أيام راحة اسبوعية ولا شهرية و كأن بنا الآلآت ميكانيكية هيدروليكية لا ينبغي لها التوقف ولا الاستراحة .

 

كل هذا مع ملاحظة أن العمل اليومي المستمر لا يقابله تعويض عن ايام العطلة الاسبوعية او الشهرية المسلوبة .

 

استمريت في العمل كحارس  مناوب بأكرهاته المتعددة ومعاناته المستمرة الى ان رن هاتفي يوما فإذا به مراقب الشركة يقدم  لي عرضا ظننته مغريا للوهلة الاولى للعمل في مصرف، فوافقت بدون تردد متأملا في تحسن أحوالي والظفر بيومين للراحة اسبوعيا لكن الفرحة لم تكتمل أبدا، فإذا بي أتعرف على خفايا المهنة الغير آدمية والتي تفتقد مقومات العمل الانساني و الذي اضاف اليها مدير البنك بهارات  التحكم والسيطرة فأصبحت لا اسمع الا عبارات : لا تفعل ، غير مسموح لك ، ممنوع عليك …

 

دون جميع البنوك هذا المصرف حتم علي المجئ قبل بداية الدوام ب 15دقيقة، والوقوف في مهب الريح في وجه برد الصباح القارس بشاطئ الداخلة المعروف، لا اعرف لماذا ولكن قالوا لكي أفتش وأؤمن قبليا مخارج البنك ومعاينتها قبل دوام العمل .

يبدأ الدوام مع 8:45 ، يمر اسبوع من العمل و المدير في سفر قاصد ، ما ان أتى حتى  قام بالمناداة علي ليخبرني بمجموعة من التعليمات او الاوامر ان صح التعبير كالآتي:

البنك لا يوجد به كرسي  للحارس، الكراسي فقط للزبناء .

يفتح الباب الاتوماتيكي من خلال زر الى انه يجب عليا فتح الباب يدويا على مصرعيه لكل زبون على حدا وإغلاقه بعد ذلك ولك ان تتصور كم الزبناء الذين يلجون الوكالة ويجب فتح واغلاق الباب من وراءهم .

 

الهاتف ممنوع والجلوس ممنوع  ،كل موظفي البنك يتناولون الافطار والغذاء ماعدا الحارس .

غيرمسموح بالتزحزح من مكانك بإستثناء قضاء الحاجة وقد حدث ان نبهني المدير عن كثرة دخولي الحمام ،سألني إياي ماذا أفعل هناك ؟

 

 سألت المدير يوما كنت بحاجة  لقضاء مآرب إداري اجابني بالموافقة بشرط ان يقوم بعملي بديل آتي به شخصيا وادفع له من راتبي الذي لايتجاوز 2200 درهم .

أثناء العمل بلكاد التقط انفاسي فياتي زبون آخر ينظر لك نظرات توحي بالاستعلاء والكبر والخيلاء الكاذبة .

المدير يتلصص علينا بكاميراته حتى حق التعبد و الصلاة لا يستطيبه متحججا بقوله العمل عبادة .

 

انت كحارس أمن قد يطلب منك اي امر لا يوجد ضمن اختصاص عملك الغير محدد أصلا، كتوصيل اوراق للموظفين او جلب هاتف او حمل اشياء…الى غير ذلك من اسباب الاسترقاق والعبودية المقننة خلال هذا العمل غير ادامي ولا انساني والذي لا يتجاوز فيه الراتب الشهري الحد الادنى للاجور .

ينتهي العمل رسميا مع 4 مساءا غير انه لا يمكنني الذهاب بتاتا  قبل ان يأذن لي المدير وانا وحظي كل يوم ، مرة مع 5:30 و أخرى مع6 مساءا .

هذا في الاحوال العادية لكن يوم وصول سيارة نقل الاموال من العيون الى الداخلة قد ينتهي بنا المطاف الى حدود 9 ليلا .

كل هذا مقدور عليه بإذن رب العالمين غير أنه في الحالات الطارئة والمستعجلة  ذات الظروف القاهرة التي تلم بالانسان وعائلته.

 لاتجد آذان مصغية لدى مرؤوسي هذا العمل المضن غير مبالين بمشاكلك وهمومك.

 هذا مابدا لي لما مرض أحد أفراد عائلتي ودخل المستشفى لم يسمحو لي بالمغادرة إلا بعد إنتظار مهين  في اليوم الموالي لم يقبلو تغيبي عن العمل حتى اجد لهم بديل يزاول عملي.

 

كل هذه الاسباب التي سردت هي قصة حياتية مريرة عشتها و لم أقدر التعبير عن كثير من تفاصيلها وحيثياتها  ، تمثل فق نقطة في بحر الانتقاص من كرامة الاجير وأكل حقوقه في الراحة والتعبد و الاكل والاستشفاء مقابل أجر غير كافي ضمن الحد الادنى للاجور .

 

ان مايعيشه حراس الامن والمراقبة و عاملات النظافة من استغلال مجحف من طرف الشركات الجشعة التي تقوم باستعباد البشر بطرق عصرية حديثة .

 أن الفقر والحاجة وقلة الحيلة هي أسباب تزيد من تجلد وصبر أبناء هذه المهنة من اجل لقمة العيش في نفس الوقت يجعل تعامل هذه الشركات يزداد سوءا يوما بعد يوم ، خاصة في ظل قانون غير ملزم يسهر على تطبيقه مفتشيي شغل قلائل، من أجل ضمان حقوق الشغيلة المسلوبة الارادة.

 

هذه فقط شذرات يسيرة اردت بها ان اسلط الضوء على مهنة  المسحوقين والتي تنتمي اليها شريحة كبيرة تضم ايضا فئات المعطلين الجامعيين .

راجيين من الله  أن تتغير هذه العقليات والتصرفات اللامسؤولة للشركات المفترسة. واخيرا لا يسعنا الى أن نطالب من الهيئات الحكومية والغير حكومية ممارسة الضغط  اللازم على هذه الهياكل الاقتصادية المستبدة لصيانة حقوق العمال المستضعفين.

 

ADS TOP

التعليقات مغلقة.