هل ستتفاعل الحكومة الحالية مع النداءات و الدعوات المطالبة بانشاء جامعة مستقلة بالجهات الجنوبية الثلاث؟
- العيون الان
بقلم د : الشيخ بوسعيد
هل ستتفاعل الحكومة الحالية مع النداءات و الدعوات المطالبة بانشاء جامعة مستقلة بالجهات الجنوبية الثلاث ؟
قبل ايام قليلة، اطلق مجموعة من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملة واسعة، يهدفون من ورائها اثارة انتباه المسؤولين و الفاعلين السياسيين على مستوى المركز الى ضرورة انشاء جامعة متكاملة وكليات بمدن الصحراء، اغلبهم من المثقفين و المهتمين بالشان الجهوي و المحلي بالصحراء، اختاروا للحملة شعار :
” الجامعة الصحراوية ضرورة حتمية ” .
و كانت معظم “الهاشتكات” و التساؤلات، تتحدث عن كيف يمكن للدولة ان تسوق لمشروع تنموي نموذجي بالصحراء في غياب تام للجامعة، باعتبارها رافعة اساسية في تربية و تكوين الناشئة بالصحراء، من خلال انفتاحها على محيطها -السوسيواقتصادي- من خلال المساهمة الفعالة في تخرج الكوادر و الاطر الشابة القادرة على مسايرة و تفعيل ورش الجهوية المتقدمة، التي لم تستطع الدولة حتى يومنا هذا الشروع في تطبيقه و أجراته على ارض الواقع، بسبب عدم وجود ارادة سياسية حقيقية تجاه ساكنة الصحراء، تؤسس لمرحلة جديدة مبنية على المصالحة و الثقة المتبادلة في التعاطي مغ ساكنة الصحراء، و تجعل من هذه الاخيرة مناطق جذب ، وتستثمر في الرأسمال البشري.
ان إحداث جامعة بالصحراء، سيمكن حتما من نشر ثقافة الوعي و الحس بالمسؤولية، و كسب ثقة الاباء و الامهات وعدم اثقال كاهل الاسر و المواطنين بالنفقات و المصاريف المتعلقة بالدراسة و السفر الى مدن الشمال .
و من خلال إحصاء السكان الوطني لسنة 2014، نلاحظ ان جهة كلميم وادنون يقدر عدد سكانها ب: 433,755 الف نسمة، اما جهة العيون الساقية الحمراء فقد بلغ تعداد السكان حوالي 367,750 الف نسمة، بينما وصل تعداد السكان بجهة الداخلة واد الذهب نحو 142,955 الف نسمة .
يمكن القول بان مساحة الجهات الجنوبية الثلاث تعادل ما نسبته 52 في المئة من مساحة المملكة، اضف الى ذلك توفرها على وعاء عقاري مهم و بنيات تحتية كبيرة متطورة ، و اوراش تنموية مهمة سيتم انجازها مستقبلا مقارنة بالسنوات الماضية.
فهذه العوامل مجتمعة كلها عناصر اساسية ، ستمكن من انشاء مدينة جامعية بمواصفات دولية، ان كانت هناك رغبة اكيدة، و قرار سياسي لدى القييمين على الشأن التعليمي، وايضا صناع القرار على مستوى الرباط في بناء جامعة و كليات بالمدن الصحراوية ، تخفف عن الأسر و المواطنين الراغبين في متابعتة دراساتهم الجامعية بمدن الشمال التكاليف الباهضة ، و بصفة خاصة الاسر المعوزة التي يجب التفكير فيها اكثر من اي وقت مضى.
ان افتقار منطقة الصحراء حاليا الى جامعة مستقلة تحظى بالاستقلال المالي و الاداري التام، حيث ان مجمل النواة الجامعية بمدن الصحراء، هي عبارة عن مراكز و فروع تابعة لكليات
و مدارس بجامعة ابن زهر باكادير، كما هو الحال بالنسبة لكلية الشريعة بالسمارة، و المركز الجامعي بكلميم، و المدرسة العليا للتكنولوجيا بالعيون، و التي تضم مسلكين للاجازة المهنية، و المدرسة الوطنية للتجارة و التسيير بالداخلة . فهذه المؤسسات كلها تتميز بضعف بنية الاستقبال، و لا تلبي التزايد الملحوظ في مسارات الشعب المتعلقة باختيارات الطلبة الجدد ، و الذين تتزايد معانات عائلاتهم من بداية كل موسم جامعي جديد .
ان تكفل الاسر بالمدن الصحراوية لنفقات الدراسة بالمدن الشمالية ، سيزيد من معاناتهم و يثقل كاهل قدراتهم الشرائية، فما بالك بالعائلات التي لديها طالبين فما فوق، و خاصة الاسر المعوزة والفقيرة ، فكان الله عز وجل عونا لها .
و تعد مدينة أكادير هي اقرب نقطة للدراسة بالجامعة ( اكثر من مسافة 640 كلم من مدينة العيون، و اكثر من مسافة 1200 كلم من مدينة الداخلة ) ، الشيء الذي يضاعف من معاناة الأباء والأمهات و يثقل كاهلهم، عوض التفكير في حلول ناجعة تقلل من اعباء تكاليفهم، بالرغم من ان اغلبهم لا يحبذ إنتقال الفتيات للدراسة بمدن شمال المملكة رغم تفوق بعضهن ، خوفا عليهن من هول و غياهب الغربة الموحشة، بل تكتفي اغلب الاسر بالعمل على تسجيلهن للدراسة بالقرب من العائلة : ( معهد التكنولوجيا التطبيقية- المعهد العالي للمهن التمريضية و تقنيات الصحة- وبعض المعاهد الخاصة .. ) ، حيث ان اغلب هذه المعاهد تعرف ضعفا في طاقتها الاستيعابية بسبب تزايد الطلب عليها بشكل ملحوظ، و لديها افاق محدودة، مما سيكون له انعكاسات سلبية على مستقبلهن من حيث مسارات التوجيه و الاختيارات المتعلقة
بالتحصيل العلمي .
و في الاخير، هل يمكن للحكومة الحالية ان تفعل ما لم تقوم به سابقاتها بالاستجابة لحملة “الهاشتكات” و نداءات الفاعلين السياسيين ، و المثقفين و الجمعويين و الحقوقيين، و المهتمين بالشأن الجهوي ..، و ايضا الاستجابة لعرائض التوقيعات المرفوعة لها ، من اجل حثها على ضرورة و اهمية بناء جامعة مستقلة في الجهات الجنوبية الثلاثة بحلول افق سنة 2020، الشيء الذي سيساهم في انخراط الجامعة من خلال محيطها في تنمية حركية الاقتصاد الجهوي و الوطني افريقيا و دوليا، مما سيشجع على نهج سياسة الانفتاح ، و بناء تدابير للثقة مع المواطن ، عوض تكريس سياسة المقاربة الامنية الفاشلة التي يروج لها بعض المسؤولين ، حيث لم تؤتي اوكلها منذ اكثر من عقود ، والعمل على الاستثمار في العقل البشري ، الشيء الذي سيخفف على الاباء و الأمهات محنتهم مع الابناء، و ايضا مصاريف الدراسة بمدن الشمال ، و يشجع الفتيات بصفة خاصة على الجد و طلب العلم بالقرب من ذويهم و اهلهم و الاحساس بالأمان اكثر ، عوض معانقة كابوس الغربة المظلم، و ايضا الخوف عليهن من ظاهرة العنف داخل الجامعة حسب تصور العائلة .
التعليقات مغلقة.